فهم الصحابة الكرام رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم أن الأعمال مكتوبة، ونهاية هذه الأعمال معروفة، إما الجنة أو النار، فهي مكتوبة عند الله، فسأله الصحابة، حتى تعرفوا أن الصحابة الكرام هم أعلم وأذكى وأفطن وأبلغ النَّاس وأفقههم، ولم يأت بعدهم من هو قريب منهم في هذه الصفات فضلاً عن أن يكون مثلهم.
جاء هذا السؤال الذي يتساءل النَّاس به دائماً والذي كثيراً ما يخطر عَلَى لسان، أو عَلَى قلب كل أحد، ويسأل بعضهم بعضاً، ما دام أنه مكتوب كل ما أعمل والنهاية معروفة ومحددة ففيم العمل؟ قال رجل منهم: أفلا نمكث عَلَى ما كتب لنا وندع العمل؟
والحقيقة أن هذا السؤال له أجوبة كثيرة، وقد يبسط جواب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويتفرع منه أجوبة، لكن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دائماً يجيب بالجواب العملي المقنع السريع، فلو أن إنساناً قَالَ: أنا لا أريد أن أعمل خيراً ولا شراً، وإنما أكتفي بكتابي، وأدع العمل، فهذا مستحيل أن يحصل، ومستحيل أن يبقى جماد لا يتحرك، فمثلاً المؤذن: إن ذهب إِلَى المسجد عمل خيراً، وإن لم يذهب عمل شراً، ومن رأى منكراً أمامه إن نهى عن المنكر عمل خيراً، وإن لم ينه عنه عمل شراً، ومن أكل من حلال عمل خيراً، وإن أكل من حرام عمل شراً.